حديث عون عن احتكار الدولة للسلاح ينبئ بالتفاهم مع حزب الله

بيروت- حذّر الرئيس اللبناني جوزيف عون السبت من أن أي سلاح خارج إطار الدولة “يعرّض مصلحة لبنان إلى الخطر،” في تصريحات تنبئ بوجود تفاهمات بين الرئاسة اللبنانية وحزب الله، الذي يكثر في الفترة الأخيرة من التسريبات حول الاستعداد لمناقشة وضع سلاحه، ما يسمح للمسؤولين بالحديث في تصريحاتهم بحرية عن احتكار الدولة للسلاح.

وتزامن حديث عون عن تحكم الدولة في السلاح مع تسريبات جديدة لحزب الله عن تسليم عشرات مواقعه للجيش، وهي تسريبات تخفف الضغوط عن الجيش وتمنع أيّ صدام مع الحزب، وتعطيه الفرصة لتأمين الانسحاب التدريجي ويظهر الحزب كما لو أنه يسلمها بمحض إرادته ودون أيّ ضغوط، وهو ما يتنافى مع الواقع.

وقال عون في خطاب بمناسبة مرور 50 عاما على اندلاع الحرب الأهلية في لبنان “طالما أننا مجمعون على أن أيّ سلاح خارج إطار الدولة أو قرارها من شأنه أن يُعرّض مصلحة لبنان للخطر لأكثر من سبب، فقد آن الأوان لنقول جميعا: لا يحمي لبنان إلا دولته، وجيشه، وقواه الأمنية الرسمية”.

ويرسل عون بهذا الكلام إشارة واضحة إلى أن لبنان لم يعد يحتاج إلى “المقاومة” للدفاع عن أراضيه أو تحارب باسمه وتحتكر قرار الدولة العسكري والأمني. لكن ذلك يتم بتفاهمات غير معلنة مع حزب الله.

◄ عون يرسل إشارة واضحة إلى أن لبنان لم يعد يحتاج إلى “المقاومة” كي تحارب باسمه وتحتكر قرار الدولة العسكري والأمني

ولتخفيف هذه الضغوط بدأ حزب الله يُظهر انفتاحه على الأصوات الداخلية والخارجية المنادية بنزع سلاحه، وذلك بالتزامن مع خطط إيران للتهدئة بينها وبين واشنطن وتقديم التنازلات الكافية لتأمين مفاوضات مسقط.

وأشار الرئيس اللبناني قبل أيام إلى أن الحزب أبدى الكثير من المرونة في مسألة التعاون بشأن موضوع السلاح وفق خطة زمنية معينة. ولئن لم يبد الحزب التزاما واضحا بنزع سلاحه، فإنه دأب على إطلاق تصريحات توحي باستعداده للتنازل.

وأكد حسن فضل الله، النائب عن حزب الله، الخميس أن الحزب مستعد للدخول في محادثات مع الحكومة اللبنانية بشأن إستراتيجية وطنية للدفاع، وأن ثمة تواصلا مستمرا بين الحزب ورئيس الجمهورية.

وقالت مصادر سياسية لبنانية لرويترز إن من المقرر أن يبدأ الرئيس اللبناني محادثات مع حزب الله بخصوص ترسانة الأسلحة التي يمتلكها. وتعهد عون، المدعوم من الولايات المتحدة، عند توليه منصبه في يناير بالعمل على أن تكون الدولة هي المسيطر الوحيد على الأسلحة.

ومن شأن المرونة التي يبديها الحزب، وبتوجيه من إيران، أن تجنبه مواجهة عسكرية جديدة مع إسرائيل، كما تجنبه صداما مع الجيش اللبناني، الذي صار في موقع قوة سياسيا، مع التزام إقليمي ودولي بدعمه إلى أن يصبح قادرا على التحكم في ملف السلاح.

ومع اندلاع الحرب بين إسرائيل وحركة حماس في قطاع غزة إثر هجوم السابع من أكتوبر 2023، فتح حزب الله جبهة “إسناد” لغزة تصاعدت في سبتمبر 2024 إلى حرب مفتوحة أضعفت قدراته وأدت إلى تصفية العديد من قادته وعلى رأسهم الأمين العام السابق حسن نصرالله.

وتم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في 27 نوفمبر نص على نشر قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) والجيش اللبناني فقط في جنوب لبنان وانسحاب حزب الله إلى شمال نهر الليطاني، على بعد 30 كيلومترا من الحدود الإسرائيلية وتفكيك ما تبقى من بنيته التحتية في الجنوب.

وأكد مصدر أمني هذا الأسبوع أن الجيش فكك “معظم” المواقع العسكرية التابعة لحزب الله في منطقة جنوب الليطاني بالتعاون مع قوة اليونيفيل في الجنوب.

وأشار المصدر الأمني إلى أن الجيش بات “في الخطوات الأخيرة لإنهاء الوجود الأمني أو السيطرة الأمنية على كل المواقع الحزبية الموجودة في جنوب الليطاني”.

وخلال زيارة إلى لبنان، قالت نائبة المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط مورغان أورتاغوس في تصريح للمؤسسة اللبنانية للإرسال إنترناشونال (“إل بي سي آي”) “نواصل الضغط على هذه الحكومة من أجل التطبيق الكامل لوقف الأعمال العدائية، بما يشمل نزع سلاح حزب الله وكافة الميليشيات”.

ودعا الرئيس عون الذي انتُخب مع تراجع نفوذ حزب الله، في خطابه إلى الحوار، مضيفا “كلّما استقوى أحد بالخارج ضد شريكه في الوطن، يكون قد خسر كما خسر شريكه أيضا، وخسر الوطن”.

وقال “مهما بلغت كلفة التسوية الداخلية بيننا، تبقى أقل بكثير علينا جميعا وعلى لبنان من أيّ ثمن ندفعه للخارج.. لا ملاذ لنا إلا الدولة اللبنانية”.

وأفاد مصدر مقرّب من حزب الله وكالة فرانس برس السبت بأن معظم المواقع العسكرية التابعة للحزب جنوب الليطاني باتت تحت سيطرة الجيش اللبناني.

وذكر المصدر الذي طلب عدم الكشف عن هويته أن هناك “265 نقطة عسكرية تابعة لحزب الله، محددة في جنوب الليطاني، سلم الحزب منها قرابة 190 نقطة“.

وكان حزب الله الفصيل العسكري الوحيد الذي احتفظ بسلاحه بعد انتهاء الحرب الأهلية في لبنان عام 1990 تحت شعار “المقاومة” في مواجهة إسرائيل.

ورغم اتفاق وقف إطلاق النار، ما زالت إسرائيل تنفّذ غارات على أهداف تقول إنها تابعة لحزب الله في الجنوب، بينما أبقت على وجودها العسكري في خمسة مرتفعات “إستراتيجية” عند الحدود.

المحرر

المحرر

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *