✍️د. تـينا
أكتب الآن ليس دفاعاً عن من فكر يشرب كحول بالميثانول تا ينسى همومه فانقبر معهم ، ولا عن فاسد خلط الميثانول مع وجع الناس وباعه بزجاجه تا يربح، ولا عن حكومات تسببت يكون وجع الناس بزنس… أكتب هنا دفاعاً عن الميثانول و حنّا… وفيروز !.. إيه فيروز لما العالم بتسكر على صوت فيروز… بس نحنا بنصحى على نعوة:
كان عنا طاحون،
وكان عنا “حنّا السكران”…
هلا عنا “حنّا المدفون”
يعني من لحن المزاج العالي، صرنا بعزف على مقام الكفن الجماعي… المشروب فاسد، والمزاج تبخّر… بس الفاتورة دايماً باسم حنّا.
يا عزيزي، عنا حنّا ما بيشرب لأنّه كيفجي، ولا لأن المزاج عالي… بيشرب لأنه الغصّة واصلة للزور، والقهر عم يتقطّر من شرايينه.
من مات بالميثانول مش ناس بتشرب نبيذ معتّق بنوتات التوت البري وشوية فانيلا… إنهم يا رعاك الله ناس بتشرب لتنسى كيف نسوها، تا تنسى الهم … عندنا حنّا مش بس عم “ينسى همومه”، عم ينقبر فيهم.
حنّا بيشرب عرق محلّي مش لأنه ذواق، لأنه مدفوع عالنسيان غصب.
ما حدا يلوم لي ماتوا بالميثانول لأنهم ما شربوه بسبب الكيف، شربوه تا ينسوا، بس حتى هالنسيان… طلع فاسد، واتفاجأوا انه ببلدنا حتى الخمرة فيها ما بتسكر… بتقتل.
ما تلوموهم لأن ما حدا بيشتري مشروب فيه ميثانول لأنه بيحب طعمه…بيشتريه لأنه طفران، مكسور، وبده لحظة نسيان بأي تمن.
حنّا ما معه حق نسيان نظيف،فمد إيده عالسم…
مش حبًا بالموت، بس لأنه أرخص من الحياة بهالبلد.
بس الكارثة؟ مش بس بالكاس، الكارثة إنه في فاسد قاعد، عم يخلط الميثانول مع وجع الناس…ويصبّه بزجاجة، ويبيعه بربح.
يعني مش بس حنّا عم يشرب سم، الفاسد عم يتغذّى على فقره… الميثانول مش اللي قتل حنّا و قتلهم، الميثانول كان مجرّد أداة…
القاتل الحقيقي؟ هو اللي حوّل الوجع لبزنس.
- ما حدا .. بس ما حدا يلوم حنّا:
حنّا ضحّى بسكنه، بوظيفته، بصوته…
وصار ضيف ببلده… وصار يشرب مشروب رخيص، مش لأنه فخم…
بس لأنه طفران، وعاطل عن العمل وعم يستأجر بيته من حدا المفروض لاجئ .. حنّا بيشرب لأن مجبور ينسى.
بس النسيان؟
ما أجا..
اللي أجا: كاس فيه ميثانول… نسى فيه كل شي، حتى اسمه.
استقبلنا لاجئين، بس مش عحساب النخبة، عحساب حنّا اللي بالكاد معه حق الخبز..
ما حدا يلوم اللاجئين، ولا شهداء الميثانول- رفقاء حنّا يلي حولتهم الناس لمادة سخرية وخجلت تعزي فيهم – الذنب مش عليهم، مش عا حنّا الذنب على الحكومات لي استقبلت لاجئين من فوق، وسكّرت باب الرزق على حنّا من تحت.
وما حدا يلوم الميثانول كمان … الميثانول ما كان القاتل،
القاتل كان الفساد، وكانت السياسات، وكان التجاهل والفقر والبطالة وإقصاء المواطن الأصيل يلي خلى هالمواطن يمدّ إيده للسم، لأنّه أرحم من الواقع.
حنّا شُرّد نفسياً جوّا بلده، صار يشرب لينسى، بس ما لحق ينسى… لأنه الكاس نفسه كان ملوّث بـ ميثانول “السياسات المُجمّلة” وبعدين كلهم طاروا حنّا ولي معه طاروا عالسما بكفن مش مدفوع عليه ضرائب، لحد هلا .
- نصيحة سكرانه بس صاحية:
إذا كنت بتشرب لتنسى؟أوعى تشرب من مصادر غير موثوقة.
خليك بالحزن الطبيعي،أقلّه بيجي بتقسيط… مش بكاس واحد بيفتحلك باب ثلاجة الموتى.
لأن في الأردن، لما بيقرّر حنّا يشرب، ما بيشرب للمزاج…
بيشرب لينسى البطالة، ينفكّ من كابوس الإيجارات،
ينام ساعتين بلا فواتير، ينسى إنه عايش بنص عرس طبقي من فوقه طبقة فاسدة… ومن تحته قاع مكسور.
- الإصابات قيد العلاج… والمشروب قيد التداول:
9 ماتوا خلال 48 ساعة و ١٧ قيد العلاج، من مشروب كحولي محلّي فيه ميثانول… لأن أرخص شي صار هو الروح، الحكومة كمشت المصنع ومالكه وبتفتش على مشاريبه المنتشره بالسوق ، يعني مرّة جديدة، الوطن سبقنا..
بس مش بالإنجاز… سبقنا بالدفن الجماعي.
لي ماتوا ولي بحالة خطر كانوا بدهم لحظة نسيان، أخدوا أبدية صمت.. ١٧ قيد العلاج بس المشروب ؟ قيد التداول.
قيد التداول يعني حتى انت … إذا كنت بتشرب لأن مودك فخم… فاحتمال كبير تموت بـ Look Royal
يعني يا ويل من شربة نخب فرنسي..كاس فيه عنب من جنوب بوردو، وبرميل بلوط معتّق،وطعم فيه نوتات قرفة وهمّ.
بس فجأة…
بيطلع فيه نتفة ميثانول، بتفوتك عالعناية المركزة… بـ لوك ملكي، بس بدون رجعة، و النتيجة؟ سكران من النية، ميت من النكهة.
- المشروب؟ ميثانول.. الكاس؟ شهادة وفاة… الوطن؟ شاهد قبر:
يا ليمونة الوطن، شو مرّة! يا عنبنا، شو مغمّس بهمّ ما بينشرب! يا خمرتنا… شو صارت وسيلة قتل رحيمة! لأن الناس عنا ما بتموت بحرب ولا من قصف ، ولا حتى ماتت من مشروب… ماتت من حكومات بتصنّع الهمّ، وأعطت بشكل غير مباشر الفرصة لفاسد يعبّيه بزجاجة، ويبيع هالهم برخص التراب.
حنّا ولي ماتوا معه مش ناطرين تروحوا على بيوت العزا تبعهم، لأنهم بيعرفوا منيح إنه الفاسد لي خلط وجعهم بالميثانول وباعهم ياه برخيص معتمد على جهل المجتمع لي بيوزع صكوك غفران وبيكّفر الآخر وبيحكم عليه ومن هيك هالفاسد خلط السم بالمشروب وهوي بيعرف انه دمو لحنّا مهدور عندكم وما اله قيمه .✍️ صوت حنّا الموجوع، وليمونة الوطن المرّة