المـلاذ – خاص .. صورة المقال هي الأسد الجريح في لوزيرن
حين تقول إسرائيل عبر إعلامها إنّها، بعد حربٍ جوّية استخبارية سيبرانية-نووية علنيّة ضد إيران، وبعد ضربة أميركية للمفاعلات النووية ، وفتاوى أمريكية مفتوحة للرادارات والطائرات،
وبعد عقوبات عابرة للقارات منذ ٢٠٠٣، وسيف دولي مشرّع منذ ما قبل ولادة نتنياهو السياسيّة، قد نجحت فقط في تأخير البرنامج النووي الإيراني “عامين ونصف إلى ثلاثة أعوام”…
فالسؤال لا يعود: هل نجحت إسرائيل؟
بل يصبح: إذا كانت هذه هي قمة نجاحهم… فكم ربحت إيران؟
الحرب كاشفة… لا صانعة نصر
الحروب الكبرى لا تصنع شيئًا، بل تكشف، والذي كُشف في هذه الحرب هو أن إيران، رغم كل الحصار، الضربات،ك، العزلة، وصور الأقمار الصناعية، ما زالت تملك آلة نووية، يمكنها العودة بكامل طاقتها خلال أشهر قليلة، لا سنوات.
ثلاثة أعوام؟
بالمنطق العسكري، هذا لا يُسمّى “إحباطاً”، بل استراحة، وبالمنطق الاستراتيجي، هو إعلان رسمي أنّ كل ما جرى حتى اليوم لم يُنهِ المشروع… بل أجّله قليلاً.
ما لم يُقال: المدى الحقيقي لقدرة إيران على النهوض
ما لم تذكره التقارير الإسرائيلية:
أنّ البرنامج النووي الإيراني لا يُبنى فقط في نطنز أو فوردو، بل بُني في عقل دولة، وفي “زمن داخلي” غير مرئي، لا تُقاس سرعته بماكينات التخصيب.
دولة اختبرت كل سيناريوهات الانقطاع،وتدرّبت على النهوض…
حتى صارت قادرة على استعادة ما خسرته، بسرعة ٣ أشهر – لا ٣ سنوات.
بكلمات أبسط:
كلما ظنّ العالَم أنّه أوقف العجلة، تكون إيران قد بدّلت العجلات، وصنعت محركًا تحت الأرض.
إذًا من يربح الحرب فعلاً؟
هل يربح من يُبطئ العدو؟
أم من يستطيع بناء كل شيء من جديد، كلما تحطّم؟
هل يربح من يدمّر، أم من يحوّل الدمار إلى نسخة مطوّرة؟
نحن في زمن لا تكفي فيه الصور الجوية لإعلان النصر، ولا تبرّر “ثلاث سنوات تأخير” كل هذا الجنون.
إسرائيل تعترف دون أن تقصد
حين تعلن إسرائيل أنها أخّرت فقط، فهي تعترف أنها لم تُنهِ، وحين تقول ثلاث سنوات، فهي تعلم أنّ الزمن النووي ليس مثل الزمن السياسي.
وأنّ خصمها… تعلّم أن يعيش تحت الضغط، وأن يُراكم المعرفة رغم الحصار.
النتيجة؟
كل صاروخ سقط على إيران، كان يُدرّس، كل منشأة دُمّرت، أُعيد تصميمها، كل عالم اغتيل، ترك خلفه ١٠ تلاميذ، وها نحن نعود لنقطة الصفر، إلا أن إيران باتت تعرف الخريطة، وتملك الذاكرة.
كلمة أخيرة…
إذا كانت كلّ آلة الحرب الغربية، بمن فيها إسرائيل، وأمريكا، و”الدرع السيبراني الأطلسي”، لم تنجح سوى في تأخير برنامجٍ نووي لثلاث سنوات، فهذا لا يسمّى انتصارًا، بل تأجيل اعتراف…
بأن إيران، شئنا أم أبينا،
دخلت النادي النووي فعلًا، حتى لو لم تُعلن ذلك.
وأنّ العالم، كل العالم، ما زال يحاول كبح ساعةٍ…
قد دقّت فعلًا.