“دكانة” آخر بائع

تـينا_المومني … عند عبور ممرات الأسواق في عمان ترى أبواباً مغلقة وأخرى مفتوحة وفارغة من الداخل باستثناء البائع وما تبقى من بضائع ملّت من عرضها, شبه كبير بين البائع والمشتري وسائق التكسي على رصيف الشارع الرئيسي فجميعهم مارَّة, ولكن هناك حركة نشطة ممن يخططون لترويض الاقتصاد العنيد فهم يموتون ويحيا الرصيد، ينظفون الطريق بغباء ليجمعوا الأوساخ في جيوب المارّة .

إجراءات حكومية استهدفت زيادة الإيرادات العامة عبر رفع الضرائب وتقليص الدعم، فيما تلزم الأجور حدّها دون زيادة تتماشى مع معدلات تضخم آخذة في الصعود, إنه الركود والغلاء.

محال الأحذية تعرض نفس “الأزواج” ربما تحاول أن تتخلص من بعض الأقدام التي تعبث بجسدها..! البائع فيها ” أجير” يسكن بشقة “إجار” والمالك كان معهم ولكنه ليس منهم إنما ” قدر الله وصار”.

مصانع مغلقة الأبواب أين ضوضاؤها؟! أيكفي صمتها ليستوعب الأصم داعي الحركة في المدن الصناعية ؟

هناك.. رجل مسن يجلس خلف مكتبه المهيب يتحرك بأقدامه المتمهلة الثلاثة نحو ثقب الباب, فيَخْوَصُ فِي نَظَرِهِ إذ لا أحد في الخارج سوى الشمس, تطمئنه بأن الأرض ما زالت تدور حولها ولم تحترق ليعود إلى بناته ومعه الأمان.

حيوية البحث عن مشروع جديد أو شراء شيء جديد تثمر بالتأني عند النظر إلى المجمعات التجارية الخرساء والمحال التي علقت عليها يافطات ” للبيع .. للإجار بدون خلو .. مغلق” , وعملية استنطاق حناجر التجار قد لا تجري إلا بالتأمل وطريق النهضة التي تتحدث عنه الحكومة يمكن اختصاره بغفوة.

ينادي الباعة على المارّة بــ”المضيفة”.. هناك بعيداً عن متناول البرجوازيين, حيث أكشاك القهوة يبيعون المشروبات وأشياء أخرى, أكشاك عصية على مشهد الركود, فكلما كان الطقس مبرراً مغرياً ليذوب إحساسي بأني مواطن -هذا الإحساس الذي يتكاثر كلما اظطررت أن أعمل “شوبنغ” .. أراجع دائرة حكومية .. زيارة تفقدية عاجلة للسوبر ماركت أو حين أمرض وأظطر لعيادة طبيب أو صيدلية- أشتهي كأس قهوة فأتجه بسيارتي التي تنوح شوقاً لمحطة البنزين نحو أحد الأكشاك, فيطل علي “راعي المضيفة” إنه نشمي من الشقيقة السورية أو المصرية فأطلبها “مُرّة” -خصوصاً عندما أتذكر ” السادهْ” مالك منزلي و جارتي وثرثرتها عن الميزانية ، وعن الفائض والعدالة الاجتماعية, وأنا لا أتحدث معها كثيراً ولكني كنت مجبرةً حين وجدتها تنتظرني لتخبرني أن مالك المنزل قرر رفع أجرته، قهقهت وقلت لها أنا سعيدة لأني سأدفع أكثر وأساهم في رفد الخزينة بعهد الانتعاش, شكرتني على حسي الوطني العالي ثم غادرت على وعد بأن تزورني مرةً أخرى حين يعلن عن الميزانية القادمة ..!

المحرر

المحرر

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *