د. تـينا تكتب عن “تحالف التنمية العاقلة”: 133 مليوناً من الثقة بين السعودية والأردن

في زمن لا تثمر فيه المصافحات السياسية وحدها، ولا تعيش العواصم على النوايا الطيبة فقط، جاءت اتفاقية الـ133 مليون دينار أردني لتضع لبنة ملموسة في مشروع تحالف تنمية عاقلة بين السعودية والأردن.. تحالف لا يستند إلى شعارات أو مواسم، بل إلى إدراك مشترك بأن الاستثمار هو وجه السيادة الجديدة، والميدان الحقيقي للتأثير في الشرق الأوسط.

ففي العاصمة عمان، وبحضور رئيس الوزراء الأردني د. جعفر حسان، وسمو الأمير خالد بن الوليد رئيس مجلس إدارة شركة KBW، وقعت الحكومة الأردنية اتفاقيتين استثماريتين لإنشاء مستشفى جديد في مأدبا وتطوير التحول الرقمي للمستشفيات العسكرية، بقيمة إجمالية تبلغ 133 مليون دينار أردني، هو رقم ليس هيناً .. أما عن الواقع فتعال :

أهمية الرقم لا تكمن في حجمه المالي فقط، بل في رمزيته السياسية، وفي توقيته.

“نحن مستعدون دائمًا أن نستثمر في الأردن، لأننا نعتبره بلدنا الثاني”…
قالها سمو الأمير خالد بصراحة، ليست مجاملة دبلوماسية، بل تصريح برؤية استراتيجية لشركة استثمارية سعودية تملك سجلاً حافلاً في المنطقة.

KBW: رأس مال سعودي بعقلية هندسية

شركة KBW Ventures التي يترأسها سمو الأمير خالد بن الوليد حفظه الله ورعاه، ليست شركة تمويل عادية.. هي ذراع استثماري سعودي يعيد تعريف العلاقة بين رأس المال والبنية التحتية، خصوصاً في قطاعات حساسة كالرعاية الصحية، التكنولوجيا، والبناء، ومنذ أكثر من عقد، اختارت الأردن لتكون ساحة شراكة، لا مجرد سوق.

وبينما تتحدث العواصم عن “التحول الرقمي” كعنوان فضفاض، جاءت الاتفاقية لتترجمه على أرض الواقع في القطاع الصحي العسكري الأردني، ما يشير إلى مستوى ثقة عالٍ وتكامل مؤسساتي بين البلدين.

بين مأدبا والرياض… مسار جديد

أن تُنشئ السعودية مستشفى في مأدبا، المدينة التي تحتفظ بملح الجغرافيا وتاريخ الأنبياء، فذلك ليس حدثاً عابراً.. هو علامة على تحول استراتيجي في الذراع الإقليمي السعودي.

فالسعودية لا تدخل إلى الأردن كجار، بل كشريك في عقل التنمية، لا تملي أجندتها، بل تشارك في رسمها مع القيادة الأردنية، في لحظة دقيقة من التحولات الإقليمية.

بين مشاريع الصحة، المياه، وأجندات الطاقة المتجددة، يبدو أن محور عمان–الرياض يتحول بهدوء إلى حاضنة لشرق أوسط جديد، أكثر براغماتية وأقل ضجيجاً، حيث تتسع خريطة التعاون بين عمان والرياض، لا على وقع التصريحات، بل بخطى ثابتة ومؤسساتية، تبشر بولادة شرق أوسط يعمل بصمت، ويُبني على الثقة.

تحالف بلا استعراض

ما ميز هذا الحدث، أنه ابتعد عن لغة الاستعراض، واعتمد نهجاً مؤسساتياً، حيث تم توقيع الاتفاقيات برعاية ثلاثية بين رئاسة الوزراء، هيئة الأركان، والجانب السعودي ممثلاً بالأمير خالد بن الوليد.. لم يكن هناك وعود فضفاضة، بل جداول تنفيذ، ومؤشرات أداء، ومؤسسات تراقب وتتابع.


في الشرق الأوسط المتقلب، حين تبنى مستشفيات بدل أن تُقصف، وحين يُستثمر في الشفاء بدل أن يُنفق على التسلح،
نكون أمام تحالفات لا تعلن الحرب… بل تعيد هندسة الحياة.✍️د. تـينا

المحرر

المحرر

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *