تـينا_المومني .. تكاتف الشعب مع الحكومة حاجة مُقْلِقَة بالنسبة للحراكيين, فالمبرِرَات المنطقية في جلب عوني مطيع الآن تذكرهم بقضايا فساد سابقة أخفقت الحكومة في معالجتها، وكما يبدو- فإن الحكومة التي بادرت إلى سحب قانون الجرائم الإلكترونية وأنجزت قانون العفو العام بعد توجيهات ملكية- قد نفّست الاحتقان لكنها لم تمتص كل الغضب.
إن الحالة التي يمرّ بها الأردن الآن، وبعد تكرار مشهد الاحتجاجات كل خميس في الرابع, تستلزم تأطير فهمنا لبعض الأمور, فالمشكله بالأردن اقتصادية وليست سياسية؛ وفي الأردن أيضاً قيادة سياسية براغماتية، قريبة من الناس، مستعدة لركل الحكومة من النافذة عندما تفشل في علاقتها مع الشارع.
على أي حال، فإن محركات غضب “الحراكيين” في الشارع معظمها خارجة عن سلطة الحكومة, فالبنك الدولي يرفض إعطاء قروض من دون شروط معينة كتخفيض مصاريف الحكومة، وكذلك تراجع المساعدات نتيجة انخفاض مداخيل الدول البترولية, إضافة إلى أن الأردن ملجأ السوريين، وسبقهم العراقيون، وقبلهم الفلسطينيون حتى صار الأردنيون نصف السكان.
وانطلاقاً من أسلوبها البراغماتي، طرحت الحكومة بالفعل حلولاً تصالحية مع الشارع ونفذت أغلب مطالب الحراكيين, لكن، وبالرغم من ذلك، نجد من يؤجج المشهد ويقاربه بفرنسا وبعض الدول الغربية إضافة إلى إسقاطات خاطئة على مفهومي الوطنية والحرية, فمع الأسف أصبح مفهوم الوطنية والولاء “تسحيجاً”, والحرية عند “الثورجي” هي حرية أن تنتقد وتشتم وأن تعيش حالة إنكار دائمة مع متلازمة “لا” .
هناك سؤال جوهري كي لا تبقى القلوب مغلولة الى أعناقها وحتى لا يكون هذا الشتاء بارداً وموحشاً, ما الذي تريده من احتجاجية الرابع كل خميس؟ .. حسناً ذيّلوا ما شئتم من كلامي بمصطلح ” تسحيج” ولكن يجب إدراك واقعنا السياسي كي لا نخنق الوطن ونجبره على حزم حقائبه.
يبدو مشهد تكرار الاحتجاجات كل خميس -بعيداً عن شيطنة الحراك- عبثياً ومريباً, إذ ليس مفهوماً اختيار مساء الخميس حصرياً لاختيار نشاطات شعبية بين جمهورها; عابرين وفضوليين كتلك الحراكية التي ادعت بأن رجال الأمن العام قد اعتدوا عليها بالضرب ونشب إثر ادعائها عراك مع حراكيين آخرين, وليس مفهوماً النسج على منوال فرنسا عبر حركة “الشماغات الحمر” بالرابع.
وعلى ذكر الدوار الرابع, وبحسب أولويات المرور لا ننكر بأن الأفضلية للقادم من اليسار ولكن الأفضلية لا تعني الأحقية بكل الأوقات, وعلى ذكر اليسار بدون ألف -سأنسج على منوال الفرنسيين من باب التأجيج- وأتحدث عن يسار اليمين حيث لابد أن تحتذي عزيزي اليساري او عزيزي ذو الشماغ الأحمر بالنموذج الفرنسي للسياسة, حينها يجب أن تحفظ كم عدد شعرات إيمانويل ماكرون المتساقطة يوميا من رأسه اللامع, علّك تدرك حينها كم من الحقوق الوطنية تهدر كل خميس على الرابع ممن “يسحجون” لها بالخارج من تجار الثورات بالوطن العربي.
مما لا شك فيه, أن الحكومة وبتوجيهات ملكية أدارت الأزمة على الطريق السريع, حتى على الطرق السريعة دائما منطقة اليسار محرمة فهي فقط لمن قرروا تدريب سياراتهم على الطيران والقفز فوق حواجز السرعة , لذا عن الدوار الرابع “لف وارجع”.