المـلاذ – الأردني يدفع ديناراً شهرياً “ضريبة تلفزيون” على فاتورة الكهرباء، دينار يخرج من جيبه سواء تابع القناة أو لا، لكن الحقيقة أنّ الغالبية العظمى لا تتابع، لأن التلفزيون الرسمي لم يعد يعني لهم شيئاً.
ومع ذلك، يتصرّف وكأنه مؤسسة مترفة، يوزع الأموال وكأنها من جيوب الآخرين، لا من جيوب الناس.
اليوم، تتسرب الأنباء عن عقد مع مؤثر سوشال ميديا: نصف مليون دينار مقابل 15 حلقة رمضانية.
يعني أكثر من 33 ألف دينار للحلقة الواحدة… في بلدٍ يتقشف فيه الفنانون، ويُهمَّش الإعلاميون، ويُقال للناس “شدوا الحزام”.
صفقة لا تُستفز العقل فقط… بل الكرامة أيضاً
كيف يُعقل أن يُغض الطرف عن مئات الإعلاميين الذين يكدحون في مبنى التلفزيون وخارجه منذ سنوات بلا إنصاف، وعن الفنانين الأردنيين الذين يصرخون من التهميش والدعم وقلة الإنتاج ؟
كيف يُعقل أن يُدفع هذا المبلغ لمؤثّر فقط لأن “مشاهداته عالية”؟ هل هذه هي رسالة التلفزيون الأردني: اللهاث وراء أرقام عابرة على حساب هوية وطنية؟
دينار المواطن… لعبة الإدارة
دينار المواطن الذي يُجبى شهرياً ليكون دعماً للتلفزيون تحول إلى أداة لاستفزازه.
بدل أن يُردّ له هذا الدينار بمحتوى يحترم عقله وذوقه، يُهدر في مغامرات ساذجة وصفقات بلا بوصلة.
الأردني يدفع ديناراً ليُقصى إعلاميّوه، ويُهمَّش فنّانوه، ويُعرض عليه محتوى لا يريد مشاهدته.
أزمة هوية قبل أن تكون أزمة مال
القضية ليست فقط في المبلغ الفلكي، بل في الانفصام بين شاشة تقول إنها “صوت الوطن” وبين جمهور يشعر أنها لا تمثّله.
إنها أزمة هوية: تلفزيون بلا جمهور، إدارة بلا رؤية، وصفقة تكشف أن رسالته لم تعد وطنية، بل “تجريب وتسالي” على حساب الناس.
الغضب الشعبي يتحول إلى سؤال وجودي
هذه الغضبة لم تعد مجرّد انتقاد على السوشال ميديا، بل صارت سؤالًا وجودياً:
ما حاجة الأردني لتلفزيون يدفع نصف مليون لخمسة عشر حلقة، بينما يعجز عن أن يكون مرآة حقيقية لثقافته وفنّه وصوته؟
الأردني بيدفع دينار شهرياً ضريبة للتلفزيون… وبالمقابل التلفزيون بيصرف نص مليون على مؤثر عشان 15 حلقة!
مش بس الإعلاميين المظلومين، حتى فناني الأردن مهمّشين.
التلفزيون بدل ما يكون صوت الأردني صار يستفزّه بمحتوى ساذج وهوية ضايعة.
