من الوفاق إلى القصف: كيف تحولت العلاقة بين إيران والخليج بعد رحيل الشاه؟

المـلاذ- غربال : قبل أن تشتعل مياه الخليج العربي بالتهديدات والرسائل النارية، وقبل أن تُصبح سيادة دول الخليج عرضة للاختراق تحت ذرائع متعدّدة، كانت العلاقة بين إيران ودول الخليج مثالًا للهدوء الدبلوماسي والحكمة الإقليمية.

في عهد الشاه محمد رضا بهلوي، كانت إيران تسير جنبًا إلى جنب مع دول الخليج نحو مستقبل حداثي مشترك.
لم تكن الطائرات المسيّرة تعبُر أجواء الكويت والبحرين،
ولا الصواريخ تتساقط قرب منشآت نفطية أو قواعد دولية.
لم تكن الدوحة هدفًا لضربات مواربة تحت شعار “استهداف قواعد أمريكية”،
ولا كانت المنامة أو الكويت تكتشف خلايا نائمة تابعة للحرس الثوري.

عصر ما قبل الخميني: دبلوماسية الشاه ورؤية الخليج

في سبعينيات القرن الماضي، كانت إيران تحت حكم الشاه محمد رضا بهلوي تُبدي تطلعات إقليمية حداثية لا تحمل الطابع الطائفي ولا العقائدي.
بالعكس، كان الشاه حليفًا للأنظمة الملكية الخليجية، داعمًا لاستقرار المنطقة.
تعاون اقتصادي، خطوط طيران مشتركة، شراكات نفطية، ولقاءات متكررة مع ملوك الخليج.

إيران الشاه دعمت البحرين في استقلالها، رغم تحفظ بعض الأصوات الإيرانية.
لم يكن هناك دعم ميليشيات، ولا حروب بالوكالة، ولا صواريخ تُطلق على العواصم الخليجية.
بل كانت إيران لاعبًا “مدنيًا” في الإقليم، لا “عقائديًا” مسلحًا.

1979: زلزال الثورة… ودخول العداء المذهبي

مع نفي الشاه ووصول آية الله الخميني إلى طهران، تبدّلت معادلة الجوار بالكامل.
أصبحت “ولاية الفقيه” مشروع تصدير، لا عقيدة داخلية.
وولدت معها عشرات الميليشيات، من حزب الله في لبنان، إلى الحشد في العراق، وصولًا إلى الحوثي في اليمن.

الخليج تحت النيران الإيرانية

منذ اندلاع الحرب في اليمن، والهجمات على “أرامكو” في السعودية، والانفجارات في الإمارات، والكويت، والبحرين… بدا واضحًا أن طهران الجديدة لا ترى في الخليج شريكًا، بل “جبهة”.

الرياض: استُهدفت مباشرة بصواريخ وطائرات مسيّرة.
أبو ظبي: لم تسلم من هجوم استهدف منشآت مدنية ونفطية عام 2022.
الكويت والبحرين: شبكات تجسس وتهديدات مستمرة.
عُمان وقطر: وُضعت أمام اختبار دبلوماسي دائم بين الحياد والتوتر.

من العلاقة الذهبية إلى سيادة منتهكة

اليوم، وبعد أكثر من ٤٠ عامًا على سقوط الشاه، باتت المقارنة صارخة:

إيران الشاه إيران الخميني

الخطاب علماني حداثي طائفي عقائدي
العلاقات بالخليج ودّية وشراكة اقتصادية عدائية وميليشياوية
الوجود العسكري داخلي تقليدي تدخل خارجي وتمدد إقليمي
سيادة دول الخليج مُصانة منتهكة بشكل متكرر

مع تصاعد الضربات وعودة التوترات، يحقّ لدول الخليج أن تتذكر من كان جارًا لا جلّادًا.

المحرر

المحرر

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *