دمشق – أفادت أربعة مصادر مطلعة بأن وزير المالية ووزير الخارجية وحاكم مصرف سوريا المركزي يعتزمون حضور الاجتماعات السنوية لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي التي ستُعقد في واشنطن في وقت لاحق هذا الشهر، وذلك في خطوة لافتة نحو إعادة الانخراط الدولي.
وستكون هذه أول مشاركة لوفد سوري رفيع المستوى في الاجتماعات منذ عقدين على الأقل، وكذلك أول زيارة رفيعة المستوى للسلطات السورية الجديدة إلى الولايات المتحدة منذ الإطاحة بالرئيس السابق بشار الأسد في الثامن من ديسمبر الماضي، مما يشير إلى تحول محتمل في السياسة الخارجية السورية.
إلا أن إمكانية انعقاد هذه الزيارة لا تزال محاطة بالغموض، حيث لم يتضح بعد ما إذا كان وزير الخارجية أسعد الشيباني ووزير المالية محمد يسر برنية وحاكم مصرف سوريا المركزي عبدالقادر الحصرية قد حصلوا على تأشيرات دخول إلى الولايات المتحدة، وفق ما قال مصدران لرويترز.
ويبقى الترقب سيد الموقف بشأن هذه الخطوة الدبلوماسية، في ظل عدم ورود تعليق من المتحدثين باسم صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ووزارة الخارجية السورية والرئاسة السورية على طلبات للتعليق.
في سياق متصل، ذكر مصدران آخران أن اجتماع قمة رفيع المستوى يركز على جهود إعادة الإعمار في سوريا قد يُعقد على هامش القمة، مما يسلط الضوء على الأولوية القصوى التي توليها الحكومة السورية لهذا الملف الحيوي، خاصة بعد نحو 14 عاما من الحرب المدمرة التي اندلعت بسبب حملة دموية على احتجاجات ضد الأسد حيث لا يزال جزء كبير من البنية التحتية للبلاد مدمرا.
وتسعى الحكومة السورية الجديدة، التي يقودها الإسلاميون والتي تسلمت زمام الأمور بعد الإطاحة بالأسد، إلى إعادة بناء علاقات سوريا على المستويين الإقليمي والدولي، واستقطاب الدعم اللازم لعملية إعادة الإعمار.
لكن العقوبات الأميركية الصارمة التي فُرضت خلال فترة حكم الأسد لا تزال سارية وتشكل تحديا كبيرا أمام تحقيق هذه الأهداف. ورغم منح الولايات المتحدة إعفاء لمدة ستة أشهر من بعض العقوبات في يناير الماضي بهدف تسهيل وصول المساعدات الإنسانية، إلا أن تأثير هذا الإجراء ظل محدودًا.
وفي فبراير الماضي، كشفت رويترز عن إرجاء قطر لتقديم دعم مالي مخصص لرواتب القطاع العام السوري، وذلك بسبب حالة عدم اليقين بشأن ما إذا كانت ستخرق العقوبات الأميركية بفعل ذلك.
وفي الشهر الماضي، قدمت الولايات المتحدة لسوريا قائمة من الشروط التي يتعين عليها الوفاء بها مقابل تخفيف جزئي للعقوبات، ولكنها لم تتواصل بشكل كبير مع الحكام الجدد للبلاد.
ويعود ذلك لأسباب منها اختلاف وجهات النظر في واشنطن حول كيفية التعامل مع سوريا ما بعد الأسد.
وذكر دبلوماسيون ومصادر أميركية أن بعض مسؤولي البيت الأبيض حرصوا على اتخاذ موقف أكثر تشددا، مشيرين إلى الروابط السابقة للقيادة السورية الجديدة بتنظيم القاعدة كسبب لتقليص التواصل إلى الحد الأدنى
وكشفت مصادر لرويترز عن قائمة شروط وضعتها الولايات المتحدة مقابل تخفيف جزئي للعقوبات، من بينها تدمير سوريا لأي مخازن أسلحة كيماوية متبقية، والتعاون في مكافحة الإرهاب، والتأكد من عدم تولي مسلحين أجانب مناصب قيادية في الإدارة الحاكمة، وتعيين منسق اتصال لدعم جهود العثور على الصحفي الأمريكي المفقود أوستن تايس الذي فُقد في سوريا منذ ما يزيد على 10 سنوات.
وعينت سوريا بالفعل بعضا من الأجانب الذين كانوا سابقا في صفوف المعارضة، بين من الويغور وأردني وتركي، في وزارة الدفاع في خطوة أثارت قلق حكومات أجنبية.. ولم تحدد واشنطن نوع التخفيف المقدم أو جدولًا زمنيًا لتلبية هذه الشروط.
وتحتاج سوريا بشدة إلى تخفيف العقوبات لإنعاش اقتصادها المنهار جراء الحرب الطويلة. وقد دعا مسؤولون سوريون، منهم الشيباني والرئيس المؤقت أحمد الشرع، إلى رفع العقوبات بالكامل، معتبرين استمرارها بعد الإطاحة بالأسد أمرًا “ظالمًا”.