✍️ د. تـينا | 22 حزيران 2025
حين يتحدث السيد الرئيس دونالد ترمب، قد تبدو كلماته مثيرة أو حتى مرتجلة، لكن في السياسة، وخصوصاً في ساحات الحرب، لا يُقال شيء عبثاً، خاصة حين يتعلّق الأمر بتوقيت وقف النار بين إيران وإسرائيل في ظل صراع إقليمي مشتعل.
قال ترمب قبل قليل :
“إيران ستوقف إطلاق النار خلال 6 ساعات، وإسرائيل خلال 12 ساعة”
عبارة قصيرة… أما عن الواقع فتعال …
الفكرة تنطوي على رسائل تكتيكية، نفسية، ورمزية بالغة العمق، فلماذا اختار 6 لإيران و12 لإسرائيل؟ دعونا نُفكك عقل ترمب… رقماً رقماً.
أولًا: 6 ساعات لإيران… أمر لا نقاش فيه
اختيار ترمب لرقم “6” بالنسبة لإيران ليس مجرد مهلة زمنية، بل يعكس نبرة الحزم والسيطرة، وكأنه يقول:
“أنتم ستصمتون فورًا، خلال 6 ساعات، الأمر ليس بيدكم”
الرقم 6 يستخدم كثيرًا في التهديدات الأمنية الغربية، مثل:
“ستُمنح 6 ساعات للاستسلام أو تنفيذ الضربة”.
هذا الرقم يعبّر عن تأديب عسكري فوري، وهو موجه إلى طرف يُعتبر متمرداً أو خارج السيطرة.
في هذا السياق، ترمب يُعلن أن إيران هي الطرف الذي يجب أن يُجبر على التراجع.
ثانيًا: 12 ساعة لإسرائيل… نافذة لاختيارات محسوبة
“12” بالمقابل، هو رقم يشير إلى دورة زمنية متكاملة (12 ساعة = نصف يوم، 12 شهر = سنة).
ترمب لم يختره عبثاً، بل أراد أن يقول لإسرائيل:
“لديكم وقت، أنتم لا تُؤمرون، بل تُمنحون فرصة”
المهلة الأطول تعني أن إسرائيل ليست مُطالبة بالانصياع الفوري، بل تُعامل كقوة تملك الحق في استكمال معركتها أو إغلاقها حين تُنهي مهامها.
ثالثًا: البُعد النفسي – ترتيب الطرفين في عقل ترمب
هذا التباين الزمني يحمل دلالة عميقة في التسلسل الهرمي:
إيران = الطرف المذنب الذي يُضرب أولاً ويُسكت سريعاً.
إسرائيل = الطرف الأقرب للتحالف، الذي يُسمح له بإنهاء الجولة بطريقته.
أميركا (ترمب) = الحكم والوسيط والناظم الوحيد لتوقيت الجميع.
ترمب، كعادته، يُدير المعركة كصفقة لا كحرب مفتوحة:
“سأجبر إيران على الصمت، ثم أطلب من إسرائيل التوقف لاحقًا، إذا أرادت”.
رابعاً: هل أراد ترمب هندسة وقف النار… أو تصعيد مقنّع؟
وهناك تفسير أكثر دهاء لما قاله ترمب:
ربما أراد أن يترك نافذة تفاوض مدتها 18 ساعة (6 + 12)، خلالها تُطبخ الصفقة الكاملة وهي :-
تجميد الضربات.
إعادة ترتيب الأوراق النووية.
تهدئة إعلامية محسوبة.
أي أن الرقمين معًا يرمزان إلى مخطط زمني مخفي لإنزال الأطراف عن حافة الهاوية دون كسر الهيبة.
خامساً: هل ترمب يعاقب إيران أم يختبر إسرائيل؟
حتى لو كان يوزع التوقيتات باسم “السلام”، فإن الفرق الزمني (6 ساعات مقابل 12) يُرسل إشارات متعددة:
لإيران: “نحن من يقرر متى تصمتين، وليس أنتِ”
لإسرائيل: “احسبي خطواتك، لكن الوقت في يدنا”
للعالم: “ترمب لا يزال يملك مفتاح التهدئة… أو الانفجار”
في السياسة، الرقم قد يوازي الصاروخ،وترمب -وهو رجل الصفقات والبراغماتية- لا يختار رقماً دون هدف.
6 ساعات لإيران تعني “اضبط نفسك أو تُضرب”،
و12 ساعة لإسرائيل تعني “أكملي ما بدأته… لكن على ساعتي”