محاولات العودة إلى الأرض… هل يصبح الخروب ذهب لبنان الأخضر الجديد؟

منذ نعومة أظافري كنت وأترابي نتسلّق شجرة الخرّوب الموجودة في أول الحي، حيث كانت هذه الشجرة الوحيدة بين عشرات أشجار السنديان والملول وغيرها من الأشجار البرية، ولأنها الوحيدة فقد غدت لنا نحن أطفال الحي معلماً نجتمع عنده، نتفيّء بظلها، نأكل ثمارها، ونبني عرزالاً (بيت شجرة) بين أغصانها الوارفة.

مرت السنون وأطفال الحي أصبحوا كباراً، والكبار في ذلك الحين انتقلوا إلى عالم آخر، كل شيء تغيّر في الحي إلا تلك الخرّوبة، فما زالت على حالها شامخة، وكلما تقدم بها العمر ازدادت عطاءً.

الخرّوب ابن البيئة اللبنانية

تعود أصول شجرة الخرّوب بحسب تقرير صادر عن الجامعة الأمريكية في بيروت إلى شرق المتوسط والجزيرة العربية، وتشير التقارير إلى أن غابات الخرّوب قبل قرن ونصف كانت تكسـو التلال الساحلية في لبنان التي تعرف اليوم باسم “إقليم الخرّوب”، ولكن عام 1914، وبحسب النصوص الأدبية في تلك المرحلة، اقتُلِعت أعداد كبيرة من هذه الشجرة ولم يبقَ منها سوى أشجار متفرقة.

محمد ياسين ابن بلدة البرجين في إقليم الخرّوب في جبل لبنان، البلدة المشهورة بمعاصر دبس الخرّوب والإنتاج الغني منه، كان قد أعد بحثاً حول هذه الشجرة، ويؤكّد لرصيف22 أن هذه الشجرة موجودة منذ القدم في جبال لبنان وخاصة في منطقة إقليم الخرّوب وفي العديد من البلدات التي تقع ما بين الساحل والجبل حتّى ارتفاع 500 – 600 متر.

ما أن الخرّوب “جزء لا يتجزّأ من المناطق الساحلية المنخفضة” و”يعيش في غابات البلدان الدافئة في شمال أفريقيا والشرق الأدنى”، وفق تقرير الجامعة الأمريكية في بيروت، الذي يضيف أن زراعته اليوم في أحراج لبنان تتداخل مع كروم العنب وأشجار الزيتون واللوز والشعير.

يؤكّد المهندس الزراعي ضياء أبو مراد لرصيف22 أن شجرة الخرّوب معروفة من الشجر المعمر والأساسية في بعض الأماكن، وأنها توازي شجر الزيتون والشجر المعمر وأن منشأها حوض البحر الأبيض المتوسط، وتنمو في جو معتدل ورطب، وتعد شجرة قوية لا تحتاج لتربة معينة بل تنمو في أي نوع من التربة، وعلى ارتفاع يصل إلى 800-900 متر.

محرر

محرر